بعد أن دفن السجاد عليه السلام و بنو أسد أجساد الشهداء، أقاموا رسماً لقبر سيّد الشهداء بتلك البطحاء. وكان محبوا اهل بيت المصطفى يزورونه جهاراً تارة و خفية تارة اخرى وحسب مواقف السطات الحاكمة انذاك ...
وبما أنّ علي الأكبر عليه السلام قد دفن عند قدمي الحسين عليه السلام، لذلك فقد أضيف ضلعان إلى ضريح الحسين في ذلك الموضع فصارت له ستّة أضلاع. لذا فان محبي اهل البيت في شوق دائم لزيارة ذلك الضريح ذي الأضلاع الستة.
و في زمن بني أُميّة كانت على القبر سقيفة واستمر ذلك إلى زمن الخليفة الرشيد العباسي حيث أمر بهدم السقيفة وكرب موضع القبر الشريف وكان عند القبر سدرة تدل عليه فأمر بقطعها .. وفي زمن المأمون العباسي اعيد بناء القبر الشريف. وكان المتوكّل العبّاسي من اكثر الخلفاء تطرفا حيث هدم قبر الحسين بن علي وهدم ما حوله من المنازل والدور وأمر ان يحرث ويبذر ويُسقى موضع قبره، وأن يمنع الناس من إتيانه...
البناء الحالي الموجود على القبر يعود إلى القرن الثامن الهجري، وقد أعيد تجديده وعمارته عدّة مرّات. وفي عام 1216هـ.. سيّر الوهابيون جيشاً من نجد لهدم ونهب المرقد الشريف ..هدموه وربطوا خيلهم في الصحن الشريف.. ثم اعيد بناءه بعد ذلك ..
حاليا يشهد الضريح المقدس وماحوله حملة اعمار كبرى شملت بناء طابق ثاني وسراديب.. وتوسيع الحائر الحسيني واستملاك مساحات واسعة واضافتها للحرم الشريف اضافة الى استبدال الشباك الذهبي المحيط بالقبر المقدس ..
هذا بالنسبة للجسد الشريف اما الرأس الشريف فهناك خلاف كبير لدى المؤرخين حول المكان الذي دفن فيه رأس الحسين، فتوجد العديد من الآراء منها ...
اولا..أن الرأس دفن مع الجسد في كربلاء وهو ما عليه جمهوراتباع مدرسة اهل البيت ( الشيعة ) وهم يؤمنون بأن الرأس عاد مع السيدة الحوراء زينب عليها السلام إلى كربلاء بعد أربعين يوماً من مقتله أي يوم 20 صفر وهو يوم الأربعين الذي يجدد فيه محبي اهل البيت حزنهم .ويسمى هذا اليوم " مرد الرأس "...
ثانيا ..أن موضع الرأس بـالشام وهو على حسب بعض الروايات التي تذكر أن الأمويين ظلوا محتفظين بالرأس يتفاخرون به أمام الزائرين حتى أتى عمر بن عبد العزيز وقرر دفن الرأس وإكرامه، كما ذكر الذهبي في الحوادث. وما زال المقام الذي وضع فيه الرأس الشريف في دمشق و إلى اليوم يزار.
ثالثا .. تروي بعض الروايات ومن أهمها المقريزي أنه بعد دخول الصليبيين إلى دمشق واشتداد الحملات الصليبية قرر الفاطميون أن يبعدوا رأس الحسين ويدفونه في مأمن فحملوه من دمشق إلى عسقلان ودفنت هناك. وكون موضع الرأس بعسقلان امتداد للرأي الثاني السابق حيث لو صح الثاني من الممكن أن يصح الثالث ...
رابعا ..أن موضع الرأس بالقاهرة وهو أيضا امتداد للرأي السابق حيث يروي المقريزي أن الفاطميين قرروا حمل الرأس من عسقلان إلى القاهرة وبنوا له مشهدا كبيرا وهو المشهد القائم الآن في حي الحسين في القاهرة، وهناك رواية المتصوفة أن الرأس جاء مع زوجة الحسين عليه السلام الملقبة في مصر بأم الغلام التي فرت من كربلاء على فرس. وهو ايضا مرتبط بصحة الرأي الثاني والثالث..
خامسا ..أن موضع الرأس بالبقيع بالمدينة وهو رأي ابن تيمية حين سئل عن موضع رأس الحسين فأكد أن جميع المشاهد بالقاهرة وعسقلان والشام مكذوبة مستشهداً بروايات بعض رواة الحديث والمؤرخين مثل القرطبي والمناوي ..
سادسا..أن موضع الرأس مجهول كما في رواية الذهبي: حيث نقل عن ريا حاضنة يزيد بن معاوية والتي يقال انها بلغت مائة سنة، أن الرأس الشريف مكث في خزائن السلاح حتى ولي سليمان الخلافة، فبعث إليه فجيء به وقد بقي عظماً أبيض، فجعله في سفط وكفنه ودفنه في مقابر المسلمين، وهي رواية ضعيفة جدا ومتضاربة مع اعتقاد المسلمين بأن جسد الشهيد لا يبلى.
المثير للانتباه ان كل هذه الاماكن اصبحت لها قدسيتها ويذكر فيها اسم الله ويتلى فيها كلام الله وتقام فيها الصلوات احتراما وتبجيلا لابن بنت رسول الله ..فشرف المكان من شرف المكين...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق