الأحد، 29 يوليو 2018

جون


 في الواقع الحديث عن اصحاب الحسين عليه السلام  واسع ولكل منهم مناقب ومواقف قل نظيرها فاصحاب الحسين خير الاصحاب واوفى الاصحاب.. ولكني اثرت التعريف  بجون بن حوى مولى الصحابي الجليل ابي ذر الغفاري ( رض) ... ذلك العبد الاسود الذي كان في خدمة الإمام الحسين عليه السلام يأكل من طعامه ويشرب من شرابه، ذلك الانسان الذي رافق الحسين عليه السلام فاكتسب منه، وعاش من خلال ذلك في حالة من المحبة والوفاء والصدق مع أهل البيت عليهم السلام مما لم يتحقق في الكثيرين ممن كانوا يزعمون الانتماء إلى ذلك الخط والنهج.
هو مولى أبى ذر الغفاري( رض)، وإسمه جون بن حوّي، عاد إلى المدينة المنورة  من بعد وفاة مولاه أبي ذر،ولم يكن يعرف غير آل بيت النبوة  فأصبح من موالي أهل البيت الاطهار ، فكان في خدمة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ، ثمّ من بعده الحسن والحسين والسجاد عليهم السلام ، وسار مع الإمام الحسين عليه السلام  من المدينة إلى مكّة ومنها إلى كربلاء، ونقل أبن الأثير والطبري أنّه كان في ليلة عاشوراء يصلح السلاح على الرغم من بلوغه من العمر عتيا ..، ومع أنّه كان شيخاً كبيراً إلاّ أنّه استأذن الإمام الحسين  يوم الطف، ولكن الإمام اعفاه من القتال وقال له الحسين عليه السلام: أنت في إذنٍ مني، فإنما تبعتنا طلباً للعافية، فلا تبتل بطريقنا.
فقال جون : يا بن رسول الله أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم؟؟؟، والله إن ريحي لمنتن وإن حسبي للئيم وان لوني لأسود، فتنفس علي بالجنة ، فيطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيض وجهي، لا والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. ثم قاتل حتى قتل، رضوان الله عليه. ، فوقف عليه الحسين وقال: اللهم بيض وجهه، وطيّب ريحه، وأحشره مع الأبرار، وعرّف بينه وبين محمد وآل محمد.
وروي عن الباقر، عن السجّاد عليهما السلام: أنّ الناس كانوا يحضرون المعركة ويدفنون القتلى، فوجدوا جون تفوح منه رائحة المسك.
إنه نموذج للانسان الذي قابل المعاملة الحسنة من الإمام عليه السلام بالإحسان، فعبّر بذلك عن نفس كبيرة لا تعرف اللؤم أو الجحود، فلم يتمرّد ولم يتردّد في نصرة الحسين عليه السلام عندما رأى أن الظرف هو أنسب ما يمكن أن يتحقق لكي يعبّر عما كان يجيش في صدره من عوامل الحب والمودة، بعكس الكثير من التوافه الذين استسلموا للخوف الذي سيطر على نفوسهم قبل أن تصل الأمور إلى مستوى سفك الدماء وسقوط الشهداء، فعبَّروا بذلك عن شخصياتهم المهزوزة والضعيفة، بينما ذلك الإنسان الذي لم يكن أحد يحسب له حساباً لكونه عبداً مملوكاً بنظرهم يكشف بوقفته المميزة في كربلاء عن نفس قوية واثقة تعيش الطمأنينة والثبات وما ذلك إلاَّ بفضل الإسلام وبركات الحسين عليه السلام التي فاضت على ذلك المخلص والأمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من هو اخر شهيد معركة الطف في كربلاء

  تحدثنا في احد ليالي الطف عن اخر شهداء الطف ممن قاتلوا تحت راية الامام الحسين عليه السلام .. ولكن هناك شخصيات  استشهدت بعد الواقعه ورغم عدم...