التطبير ظاهرة دخلت في مراسيم العزاء الحسيني منذ فترة تقدر بـ 130- 150 سنة وتقام في اليوم العاشر من المحرم.. يوم عاشوراء.. حيث يخرج جماعة من الناس بموكب يرتدون الاكفان ويضربون رؤوسهم بالسيوف او ما يسمى هنا بالقامات ..وقد سألت الكثيرين من الذين يمارسون التطبير عن السبب فقالوا بانهم يريدون ان يشعروا بالاحاسيس والالام التي كان يشعر بها الحسين عليه السلام عندما ضربه الطغاة وهم غالبا ما يرددون حيدر .. حيدر ...يا فاطمة قومي الى الطفوف ...هذا حسين مضغة السيوف ...
اما المنشأ التاريخي للتطبير فهناك روايتان مختلفتان بعض الاختلاف تتحدّثان عن مبدأ هذه الظاهرة، ذكرهما الاستاذ الباحث طالب علي الشرقي في مقال نشره في مجلّة الموسم تحت عنوان من تأريخ الشعائر الحسينيّة في النجف الأشرف
حيث يروي في الاولى أنّ القفقاسيين عندما كانوا يأتون إلى زيارة الأئمّة في كربلاء والنجف كانوا يستخدمون الحيوانات في سفرهم، وأسلحتهم السيوف. وتستغرق مدّة السّير من ثلاثة إلى أربعة شهور حتّى يصلوا إلى العتبات المقدّسة،
فصادف أن دخلت إحدى قوافل الزائرين القفقاسيين إلى كربلاء يوم عاشوراء، وكانت المدينة تعيش صورة صادقة للحزن، حيث سوّدت المساجد والجوامع وواجهات المحال، وعَمَّ البكاء والحزن ، ومقتل الحسين (عليه السلام) يُقرأ في الشوارع وفي الصحن الحسينيّ الشريف.واتّفق أن يكون أحد القفقاسيين جاهلا بهذه الاُمور، فشرح له أحد العارفين باللغة التركية معركة الطف، وأظهر له المشاهد المؤلمة التي مرّت على ابن بنت المصطفى (عليه السلام) ومن معه فأثّر ذلك في نفسه وأفقده صوابه، فسَلَّ سيفه وضرب رأسه ضربة منكرة.فاستحسن أحد رؤساء مواكب العزاء هذه العمليّة ـ وكان تركياً ـ ، فنظّمَ في السّنة التي تلت تلك الحادثة عزاءً مكوّناً من مجموعة صغيرة من الأفراد يلبسون الأكفان ويحملون السيوف، ذهب بهم إلى المكان المعروف اليوم بالمخيّم الحسيني، وجاء بحلاّق فحلق شعر رؤوسهم، وجرح كلّ فرد منهم جرحاً بسيطاً في رأسه، وخرجوا بهذه الهيئة متّجهين إلى مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) وهم ينادون: "يا حسين" حتّى وصلوا إلى الصحن الشريف، وبعد عويل وبكاء تفرّقوا.
اما الرواية الثانية فتقول أنّ مجموعة من أتراك آذربيجان وتبريز وقفقاسيّة قدموا إلى العراق لزيارة العتبات المقدّسة، وذلك في النصف الأوّل من القرن التاسع عشر الميلادي، فدخل جماعة منهم في اليوم العاشر من محرّم الحرام إلى صحن الإمام الحسين (عليه السلام)، واجتمعوا قرب الباب المعروف اليوم بـ "الزينبيّة" ومعهم القامات، وهو سلاحهم التقليدي الذي يلازمهم خلال السفر.
ثمّ أقاموا مجلساً للتعزية في المكان المذكور، وأخذ مُقرئهم يشرح لهم واقعة الطف باللغة التركيّة بشكل أهاج مشاعرهم، فأخرجوا قاماتهم وأخذوا يضربون رؤوسهم دون أن يحلقوها وبشكل عنيف.فاستحسن بعض رؤساء المواكب هذه العمليّة، فأخرج موكباً صغيراً للتطبير، واقتفى أثره جماعة اُخرى من الأتراك الموجودين في النجف الأشرف فشكّلوا عزاءً قبلَ ما يقرب من مائة وخمسين سنة، وهكذا استمرّت هذه الظاهرة والى يومنا هذا .
هناك روايات اخرى ضعيفة تقول بان منشأ التطبير كان في الجيش الانكشاري الذي أعتمد اسلوبا في التدريب واعداد المقاتلين يعتمد على سمو روحية المقاتل الانكشاري حيث ادخلت في بعض تدريباته ( ضرب النفس وخاصة الراس ) واسست لذلك الهدف التكايا الصوفيه داخل معسكرات الانكشارية وبما أن الصوفية قريبون جدا لـبعض الفرق كالفرقة العلوية والاسماعيلية والبهائية لذا فقد انتقلت هذه التقاليد اليهم .. وأيضا هناك رواية تقول بان التطبير دخل الى العراق بعد قيام الدولة الصفوية وعن طريق وزير الشعائر الحسينية آنذاك والذي ذهب في زيارة لأحد الدول الأوربية الشرقية واقتبس التطبير والزنجيل من ممارسة بعض الفرق المسيحية ...
حفظكم الله من كل سوء ... وجعلنا واياكم من المتشبثين بحب محمد وآل محمد ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق